صديقاتي أصدقائي
الحضورُ الكريم..
النسورُ تحلّقُ طويلاً وعالياً، ومن مكانِها تُشرِفُ.. وترى. خمسون عاماً منذ "مراهقة" ـ الزغبِ الشعريِّ الأوّل، والإنتاجُ كلّما يكبر إلى سربِ حمامٍ من المؤلفاتِ في الشِعرِ العاميِّ والفصيح، في المقالةِ وفي مسرحِ الأطفال، إنّه شاعرُ الغربةِ الطويلة، شربل بعيني الوفي والأمين. وكانت رابطةُ إحياء التراثِ العربي، أقدمُ مؤسّسةٍ أدبيّة في سيدني، والتي كسبت كثيرَ الإحترام، وكان شربل الناشط فيها أيضاً. وكانت الصحفُ المحليّة، من "صدى لبنان" إلى "صوت المغترب"، إلى "البيرق" ـ "المستقبل و"النهارِ" و"التلغراف" وغيرها، وكانت المحطّاتُ الإذاعيّة العربيّة، وشربل بعيني في التغريدِ الدائمِ شعراً كريماً وأقوالاً كلّها وفاء وحبّ للإنسان الإنسان.
لبنان ضاق به، إنتقل إلى أستراليا، تغيّر الوطن جغرافيّاً، إنّما الشاعر الثائر شربل بعيني لا يتغيّر، ليس لا يتقدّم، بل لا ينقلب على مبادئه في حبّ الحياة وحبّ الإنسان، في عدم الرضوخ لإرهاب السلطات المدنيّة والدينيّة معاً، في رفضِ الفساد وهدرِ المال العام والتفرقة الدينيّة أو المذهبيّة أو الإثنيّة، في إعلاءِ كلمةِ الحريّة لكلّ ما يمثّل اليومَ ويمثّل الغد ـ المستقبل ويعدُ بالزهور والأجمل. مناسبات كثيرة، وأحداث كثيرة، وأحلام كثيرة، وآمال كثيرة، مبثوثة هنا وهناك، في أشعار شربل بعيني، وخيبات أمل كثيرة، وآلام كثيرة، وانكسارات كثيرة، وأسف كثير، في قصائد شربل بعيني، ما دام الشاعر هو الحياة ببساطتها وتعقيداتها، بحصادها وبيادرها، وبالفقد الذي فيها. يفرح لفرح الناس، يتألّم لآلامهم. هو ذاته في مسيرة الحياة يفوز هنا وتكون كبوة هناك، يبتسم مزهراً هنا وينطوي متأثّراً حزيناً هناك، وفي كلّ أحواله يكون متمسّكاً بوجوب الإستمرار، بوجوب الإنتصار للحياة، وبإعزاز العِلم ـ سفينةِ النجاة.
بمناسبة اليوبيل الفضّي لأوّل مجموعاته الشعريّة كنتُ بكلمة إلى جانبه مع المطران الراحل يوسف حتي، ومع الإمام تاج الدين الهلالي، الذي أدعو له بالعمر المديد، بالأمان والعافية. وبمناسبة اليوبيل الذهبي لا أزال إلى جانبه بحضور الجمع ـ أهلِ الكلمة والفنّ والثقافة والعلوم. وكما تمنّى لي شاعر الغربة الطويلة أن نكون معاً أيضاً بمناسبة اليوبيل الماسي، وهي أمنية طموحة بحقّ، وأنا فرحتُ بها عندما قالها لي قبل أيّام، لا يسعني إلاّ أن أكون على هديه في الطموح والتفاؤل، أن نكون جميعاً معاً في اليوبيل الماسي لصديقي الشاعر المعطاء والمبدع شربل بعيني، وهو بالعنفوان ذاته والغزارة الإنتاجيّة ذاتها والوفاء ذاته للإنسان وأمّنا الطبيعة الغنّاء، وليس ذلك على الإرادة التي لا تعرف الفتور يوماً إلاّ باليسير وليس أبداً بالعسير.
وبالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن الصديقات والأصدقاء في "لقاء الأربعاء" سلام الورود عليكم، سلام الأريج الفوّاح، والشكر الجزيل لإصغائكم.
**